[العنــsmileــود]

(( قـــــــــــــــمـ فأنـــــــــــــــــذر ))


كلف الله عز وجل رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بهذا الدين و أمره بالقيام و الإنذار , فماذا يفعل الآن ؟ هل يبدأ بالجهاد والجلاد والمعاناة ؟ وهل يهيء نفسه لتلقي الأذى , والجراح , والطرد , والتشريد , والسب والشتم ؟ أم ماذا يفعل ؟؟ و هو مأمور بالدعوة و الإنذار و الإعذار , فلا راحة حتى يلقى الله سبحانه وتعالى , قال صلى الله عليه وسلم لخديجة _ رضي الله عنها _ : " ذهب وقت النوم يا خديجة " , لأنه نزل عليه { قم فأنذر } . [ المدثر : 2 ] فيا من تلقيت الوحي , ونزل عليك القرآن , و أتتك الرسالة { قم فأنذر } , وفي هذا درس لكل من عنده علم أو شيء من القرآن و الأحاديث , ألا يهدأ باله حتى يبلغ أسرته وجيرانه و أصدقاءه و كل من حوله .

أما إذا كان علم في الصدور وعلم في السطور , ولم يصل إلى الناس , و لم يغير ولم يبدل الفساد , فما فائدته ؟ وما نفعه في الأمة ؟
{ قم فأنذر } , هذه رسالته التي كلف بها , يوجهها للقريب وللعشيرة , وللبعيد وللقوم , و للعالم أجمع , و للإنس والجن , ثم تأتيه الجراحات من كل جهة , وتتوالى عليه المعاناة في جسمه و سمعته و أهله و قومه , فيشرد من الوطن , و يعذب أصحابه , وينال المشركون منه بالسب و الإستهزاء و الطعن , ولكنه يصبر ويصبر .
وشقت الصمت و الأنسام تحملها .......... تحت السكينة من دار إلى دار .
في كفه شعلة تهدي وفي دمه .............. عقيدة تتحدى كل جبار .

فرضت الصلاة و أتى جبريل عليه السلام يعلم النبي صلى الله عليه وسلم كيف يصلي و متى يصلي , لأن الصلاة صلة بين العبد وربه بها تقوى الرابطة و تتهذب النفس و تتطهر الروح , إذن لا بد للداعية أن يكون له عبادة وصلاة ونوافل وصلة بالقرآن : تلاوة , وتدبرا , وحفظا , و فهما لكي يصمد أمام الحوادث , ويصبر ويجاهد .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر وضاقت به الضوائق وحجبت عليه جيوش الهموم والغموم واشتدت به الكربات , قال : " أرحنا بالصلاة يا بلال " فيقوم يصلي , فتهدأ روحه , وتسكن نفسه , وتنزل عليه السكينة والهدوء والراحة والطمأنينة , ويتزود بالزاد الروحي , ويستمر في الدعوة .

نزل جبريل عليه السلام ليعلم النبي محمدا كيف يتوضأ , فتوضأ أمامه وصلى أمامه , فتوضأ النبي محمد كما توضأ جبريل , وصلى كما صلى جبريل عليهما الصلاة والسلام . إذا فالتطبيق العملي أفضل وسيلة في التعليم , لذا استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الطريقة عندما أراد أن يعلم أصحابه كيف يصلون . فرقى المنبر و صلى أمامهم , و أخبرهم أن الصلاة هكذا , فمن أراد أن يعلم أبناءه وطلابه لا بد له أن يستخدم هذه الطريقة العملية , لإيصال المعلومة بوضوح و جلاء , فلا يكفي في مثل هذه الأمور التعليم النظري فقط , بل لا بد من هذا وهذا , كما فعل جبريل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فصلى به صلاتين لكل فريضة : صلاة في أول وقتها , و الأخرى في آخر وقتها , وقال له : " الصلاة بين هذين الوقتين " .
كما أن الصلاة أجلّ الأعمال و أفضلها و أزكاها بعد الشهادتين , من أجل ذلك كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر حياته وهو يعاني سكرات الموت يقول : " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم " .

خطب صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة , وسمع خطبته مائة ألف , وصل صوته صلى الله عليه وسلم إلى الخيام كأنها الصواعق , يقول جرير بن عبدالله : قال صلى الله عليه وسلم : " استنصت الناس " قال : فاستنصتّهم قال : فخطب فأوصل الله صوته إلى كل أحد في الخيمة , وكانت كلماته جزلة قوية مؤثرة حفظها التاريخ , لأنها لا تتكرر , قال : " أيها الناس , إنكم مسؤولون عني غدا , فماذا أنتم قائلون ؟ " قالوا : نشهد أنك بلّغت الرسالة و أدّيت الأمانة , ونصحت الأمة , فرفع إصبعه إلى السماء وقال : " اللهم أشهد , اللهم أشهد " .

وعلى الصفا يقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلن للناس أمرا خطيرا وخبرا مهما , فيقول : " أيها الناس , لو أني أخبرتكم أن خيلا بهذا الوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ " فقالوا كلهم : ما جربنا عليك كذبا . قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " .
قال لهم : " قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا " , وقال لفاطمة ابنته : " يا فاطمة بنت محمد , أنقذي نفسك من النار " فهو لا يحابي ولا يجامل , إنه العادل الصادق فيما بلّغ . فها هو صلى الله عليه وسلم يغضب عندما يأتيه الحب بن الحب أسامة بن زيد يشفع في المرأة المخزومية التي سرقت , وينكر على أسامة شفاعته هذه , ويعلن على رؤوس الأشهاد : أنه لا يحابي أحدا في دين الله , وفي حد من حدود الله , فيجمع الناس ويصعد المنبر , ويقول : " وايم الله , لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " فليسمع التاريخ وليحفظ هذا النور , فهذا أعدل الناس , و أصدق الناس , و أبرّ الناس , هذا موقفه مع ابنته , وحاشاها أن تفعل هذا الفعل أبدا .
يغضب أبو لهب لهذا الإجتماع فيقول : ألهذا جمعتنا ؟ أي تجمعنا من بيوتنا لتحدثنا عن لا إله إلا الله ؟؟؟!!!

لا يوجد في هذا العالم أعظم من هذه القضية , ولا رفعت السموات , ولا خلق الخلق إلا من أجل هذه القضية , ولا قام سوق الجنة والنار إلا من أجل لا إله إلا الله , فهي أكبر قضية في العالم .

أعلى الله دعوة رسوله , و رفع ذكره في الأولين و الآخرين , وصار دينه ينتشر في الأرض كلها , و أصبح كل مصل وكل مسبّح و مجاهد وصائم ومتعلم وعابد , يقتدون بهذا الرسول العظيم , وهذا النبي الخاتم , فالنجاة والفوز والفلاح في اتباعه وسلوك منهجه , وهنيئا لمن اتبعه , وهنيئا لمن يصلي ويسلم عليه ...


:: دمتــــــــــــمـ فـــــيـ حفـــــــــظـ الرحمــــــــــنـ ورعايتـــــــــهـ ::
محبتكــــــــمـ / العنـــــــsmileــــــود ...