الموضوع
:
لبيك اللهم لبيك
عرض مشاركة واحدة
21-11-2008, 07:22 PM
#
7
غلا**
تاريخ التسجيل: 12-11-2005
المشاركات: 1,840
معدل تقييم المستوى:
21
رد: لبيك اللهم لبيك
[frame="4 98"]
آيات الحج
قال تعالى: { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } (البقرة:196) هذه الجملة من الآية معطوفة على صدر الآية: { وأتموا الحج والعمرة لله } فبعد أن أمر سبحانه بإتمام الحج والعمرة، شرع في بيان حكم الموانع التي تحول دون إتمام النسك، فقال: { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } و"الإحصار" لغة: هو المنع مطلقًا، قال تعالى: { للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله } (البقرة:273) أي مَنَعَهُمُ الفقر من الخروج للجهاد في سبيل الله.
وقد اختلف أهل العلم في مسألة إحصار المحرم، هل يختص الحصر بالعدو فحسب، فلا يتحلل المحرم إلا إذا حصره العدو، أم أن الحصر يشمل كل مانع من عدو وغيره؛ وهم في ذلك على قولين:
الأول: يرى أن الحصر لا يكون إلا من العدو، فأما من أصابه مرض أو فقد نفقته، أو أضل طريقه...فلا يُعدُّ ذلك إحصارًا، وليس هو بمحصر، وهذا القول مروي عن ابن عباس و ابن عمر رضي الله عنهما، و الزهري وآخرين، رحمهم الله .
والثاني: يرى أن الحصر أعم من أن يكون بعدو، بل يكون الإحصار بكل مانع يمنع المحرم من إتمام ما شرع به من نسك؛ وقد أيَّد أصحاب هذا القول ما ذهبوا إليه بما رواه أحمد في "مسنده" عن الحجاج بن عمرو الأنصاري ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من كُسر أو وُجع أو عَرج فقد حلَّ وعليه حجة أخرى، قال: فذكرت ذلك لابن عباس و أبي هريرة رضي الله عنهما، فقالا: صدق ) أخرجه أصحاب السنن. قال الثوري : الإحصار يكون من كل شيء آذاه، من عدو وغيره.
وقوله تعالى: { فما استيسر من الهدي } استيسر هنا بمعنى يسَّر، أي ما أمكن، والمراد به جميع وجوه التيسر. والمقصود بـ "الهدي" الإبل والبقر والمعز والضأن؛ والذي ذهب إليه جمهور أهل العلم، أن الواجب في حال الإحصار شاة على كل محصَر، ويمكن أن يشترك سبعة أشخاص في ناقة أو بقرة. وهو مذهب الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى.
ووجه ذلك، أن المقصود من تقديم الهدي حال الإحصار تحصيل بعض مصالح الحج بقدر الإمكان، فإذا فاتت مناسك الحج لمانع، فلا يفوت ما يُمنح لفقراء مكة ومن حولها .
وقوله تعالى: { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي } (البقرة:196) قوله: { ولا تحلقوا رؤوسكم } معطوف على قوله تعالى: { وأتموا الحج والعمرة } وليس معطوفًا على قوله: { فإن أحصرتم }.
و"المَحِلُّ" مكان الحلول أو زمانه، يقال: حلَّ بالمكان يَحِلُّ، بكسر الحاء: وهو مقام الشيء، والمراد هنا مبلغه. والمعنى: لا يحل لمن دخل في أعمال الحج أو العمرة وأحرم بهما أن يحلق إلى أن يفرغ من أفعال الحج والعمرة .
وقوله تعالى: { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه } (البقرة:196)المراد بالمرض في الآية، المرض الذي يستدعي حلق الرأس، سواء أكان المرض بالجسد أم بالرأس. وقوله سبحانه: { أو به أذى من رأسه } كناية عن الوسخ الشديد والقمل، الذي يؤذي الرأس. وفي البخاري من حديث كعب بن عُجْرة رضي الله عنه، قال: حُمِلْتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ( ما كنتُ أرى الجهد قد بلغ بك هذا، أما تجد شاة ؟ قلت: لا، قال: صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من طعام، واحلق رأسك ) فنـزلت هذه الآية فيَّ خاصة، وهي لكم عامة .
ومن لطائف القرآن الكريم، تَرْكُ التصريح بما هو غير لائق من الألفاظ، وذلك واضح في قوله تعالى: { أذًى } فهو كناية عما يصيب رأس المحرم من حشرات مؤذية، كالقمل ونحوه.
وقوله تعالى: { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } (البقرة:196) ذكر سبحانه في هذه الآية الجزاء المترتب على حلق المحرم شعره، قبل فراغه من أعمال الحج، وجَعَلَ الجزاء على سبيل الاختيار؛ لأن " أو" كما يقول أهل اللغة، تفيد التخيير بين أمرين أو أكثر. ورويَ عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: إذا كان " أو" فأيَّهْ أخذتَ أجزأ عنك. وهذا الذي رُوي عن ابن عباس هو ما عليه جمهور أهل العلم، إذ قالوا: يُخيَّر المحرم في هذا المقام، إن شاء صام، وإن شاء ذبح شاة، وإن شاء أطعم، أيَّ ذلك فعل أجزأه.
ثم إن حديث كعب بن عُجرة رضي الله عنه المتقدم، قد بيَّن قدر الصيام والإطعام؛ فإما أن يصوم ثلاثة أيام، أو يُطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يذبح شاة، وهذه الفدية تُسمى عند الفقهاء فدية الأذى. والله ولي التوفيق والتيسير.
قوله تعالى: { وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق } (الحج:27).
التأذين رفع الصوت بالإعلام بشيء، ومنه سمي الأذان، لِمَا فيه من إعلام بدخول وقت الصلاة، و { الناس } يعم كل البشر.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وغير واحد من السلف - كما ذكر الطبري - أن إبراهيم عليه السلام قام من مقامه، ونادى في الناس قائلاًَ: يا أيها الناس، إن ربكم قد اتخذ بيتًا فحجُّوه، فيقال: إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة، لبيك اللهم لبيك .
و( الضامر ) قليل لحم البطن، والضمور من محاسن الخيل، لأنه يُعِينُها على السير والحركة؛ وهو في الآية اسم لكل ما يُرتحل عليه .
و( الفج ) لغة الشق بين جبلين، وهو الطريق؛ والمقصود به في الآية، أن الناس يقصدون هذا البيت من كل حَدَب وصوب. ووصف سبحانه الفج بأنه { عميق } أي بعيد؛ فليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يحن شوقًا إلى رؤية الكعبة والطواف حولها، فالناس يقصدونها من سائر جهات الأرض .
وقوله تعالى: { ليشهدوا منافع لهم }
معنى { ليشهدوا } أي: ليحضروا منافع الحج؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: منافع الدنيا والآخرة؛ أما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى، وأما منافع الدنيا فما يُصيبون من منافع البدن، والذبائح، والتجارات.
وقوله تعالى: { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات }
رُويَ عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: الأيام المعلومات: أيام العشر، وهذا هو مذهب الشافعي والمشهور من مذهب أحمد ، وفي المقصود بـ ( الأيام المعلومات ) أقوال أُخر تُنظر في كتب التفسير .
وقد ثبتت أحاديث عدة في فضل العمل في هذه الأيام، ذكرناها في مقالنا (فضل العشر) يمكن الرجوع إليها .
وقوله تعالى: { فكلوا منها }
الأمر بالأكل في الآية على سبيل الرخصة والاستحباب، كما ذهب إلى الأكثرون؛ وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نحر هديه، أمر من كل بدنة ببضعة فتطبخ، فأكل من لحمها، وحَسَا من مرقها. رواه مسلم .
ورُويَ عن بعض التابعين قوله: كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم، فرخص للمسلمين، فمن شاء أكل ومن لم يشأ لم يأكل .
و{ البائس } هو الذي أصابه البؤس والعَوَز - ضيق المال - وهو الفقير؛ وهذا قول جَمْع من المفسرين؛ وفرَّق بعضهم بين البائس والفقير.
قال بعض أهل العلم: ذكر سبحانه اسم { البائس } مع أن اسم { الفقير } مغن عنه، لترقيق أفئدة الناس على الفقير، بتذكيرهم أنه في حالة بؤس؛ ولأن اسم { الفقير } لشيوع استخدامه، لم يعد مشعرًا بمعنى الحاجة، فذكر الله سبحانه الوصفين من باب التأكيد، أو أن البائس أشد حاجة من الفقير .
وقوله تعالى: { ثم ليقضوا تفثهم }
( التفث ): المناسك، وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: هو أمر بوضع الإحرام، من حلق الرأس، ولبس الثياب، وقص الأظفار.
وقوله سبحانه: { وليوفوا نذورهم }
هذا خطاب لمن قصد البيت حاجًا، أن يؤدي ما لزم من أعمال الحج، وما ألزم به نفسه من عمل آخر، كنذر هدي، أو صدقة، أو نحو ذلك .
وقوله تعالى: { وليطوفوا بالبيت العتيق }
يعني الطواف الواجب يوم النحر، ويسمى طواف الإفاضة، أو طواف الصدر، أو طواف الزيارة، أو طواف الركن؛ لأنه ركن من أركان الحج، لهذه الآية، ولفعله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
قوله تعالى: { واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله } (البقرة:203).
الأيام المعدودات هي أيام منى، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، يقيم الناس فيها بمنى، وتسمى أيام التشريق؛ والأيام المعلومات هي أيام عشر ذي الحجة، كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما .
وفي الحديث الصحيح: ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر ) رواه مسلم ، وفي الحديث الآخر: ( وأيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ) رواه أحمد وغيره، وعند أبي داود : ( إنما جُعل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل ) .
ودلت الآية على طلب ذكر الله في أيام رمي الجمار، وهو الذكر عند الرمي، وعند نحر الهدايا. وإنما أمروا بالذكر في هذه الأيام؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يشغلونها بالتفاخر بالآباء، ومغازلة النساء، فأمرهم الله سبحانه بذكره .
ثم إن حاصل القول في رمي الجمار: أن الجمرة الكبرى - وتسمى جمرة العقبة - تُرمى يوم النحر قبل الذبح، وتُرمى الجمار الثلاث في الأيام التالية ليوم النحر بعد الزوال؛ فيبدأ الحاج برمي الجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات، ثم يرمى الجمرة الوسطى، ويختم برمي الكبرى، كل جمرة بمثل ذلك، ويكبر مع كل حصاة. وأحكام الرمي يُرجع في تفصليها إلى مقالات فقه الحج والعمرة من محورنا هذا .
ودلت الآية الكريمة على أن المبيت في منى في الأيام المعدودات واجب؛ فليس للحاج أن يبيت في تلك الليالي إلا في منى؛ ومن لم يبت في منى فقد أخلَّ بواجب، فعليه هَدْيٌ، ولا يُرَخَّص في المبيت خارج منى إلا لأهل الأعمال التي تقتضي المغيب عن منى؛ وقد رخص صلى الله عليه وسلم لـ لعباس المبيت بمكة لأجل أنه كان على سقاية زمزم .
وقوله تعالى: { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه }
رخَّصت الآية الكريم لمن أراد العودة إلى أهله في ترك حضور بعض أيام منى، وهذا من رحمة الله بعباده، ومن باب التوسعة عليهم؛ فإن شاء الحاج أقام في منى أيام الرمي الثلاثة، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وإن شاء تعجل ورجع إلى أهله قبل تمامها، فيرمي في اليوم الأول والثاني، ثم يخرج من منى قبل مغيب شمس يوم الثاني عشر، كما بيَّن ذلك الحديث المتقدم: ( وأيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ) ولا خلاف بين أهل العلم أن التأخر إلى آخر أيام التشريق أفضل .
وحاصل المعنى: ليكن ذكركم الله ودعاؤكم في أيام إقامتكم في منى، فمن اختار التعجل والرجوع إلى أهله، فلا حرج عليه أن يعود قبل يوم من انتهاء أيام الرمي الثلاثة، ومن أراد أن يبقى ليرمي في اليوم الثالث فله ذلك .
وقوله تعالى: { لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّه }
لما كان الحاج على وشك الانتهاء من أعمال الحج، وتَرْك تلك الأماكن المباركة، والعودة إلى صخب الحياة وزخرفها، أعقب ذلك سبحانه ببيان أن لزوم المؤمن لتقوى الله ينبغي أن يكون على كل حال، وفي كل زمان، فليست تقوى الله مخصوصة بزمان محدد، ولا بمكان معين، وإنما هي مطلوبة في الحِلِّ والترحال، والعبادة والحياة، والشدة والرخاء، كما ثبت في الحديث: ( اتق الله حيثما كنت ) رواه الترمذي و أحمد ، في أي مكان كنت، وعلى أي حال أصبحت، لا كما يفعل بعض المسلمين اليوم، عند خروجهم من عبادة، كانتهاء رمضان، حيث يعودون إلى ما كانوا عليه من أعمال لا ترضي الله ورسوله.
[/frame]
غلا**
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى غلا**
البحث عن المشاركات التي كتبها غلا**