رحلتي مع الإرشاد ((58)

[ابراهيم الدريعي]

رحلتي مع الإرشاد (58)

سأتحدث هذه المرة عن الإرشاد في الجامعة فجامعة الملك سعود هذه الجامعة العملاقة مثلا لديها في أغلب الكليات مرشدون أكاديميون بعضهم لتعبئة الفراغ الوظيفي فقط،فقد زرت بعضهم في مكاتبهم وحضرت معهم بعض الاجتماعات فلا حظت أن الإرشاد في الجامعة لايختلف كثيرا عن الإرشاد في التعليم العام بل إن الإرشاد في التعليم العام أفضل بكثير على الرغم من العقبات التي تواجه المرشد، الإرشاد في الجامعة لايسمى إرشاد ا بالمفهوم الصحيح فمعظم من يمارسونه غير متختصصين في الإرشاد فأقسام الإرشاد في الجامعة هي بمثابة شئون طلاب فقط يراجعها الطلاب لحل مشكلاتهم الأكاديمية حذف إضافة ، حرمان تعريف بالجامعة ،فهو أشبه بشئون الطلاب في إدارات التربية والتعليم في التعليم العام، أما الدخول في اهتمامات الطالب وإدراك ظروفه النفسية والاجتماعية ومساعدته في التغلب عليها ومساعدته في التخطيط لمستقبله الدراسي واكتشاف قدراته وميوله ، فليس في قائمة اهتمام مرشدي الجامعة .

كنت أتوقع أن أجد إرشادا أستفيد منه وأسر لوجوده ولكن- مع الأسف -وجدت مظاهر فقط لاتفيد الطالب لا من قريب ولا من بعيد ، وجدت بهرجه ، وجدت المجاملات حتى لايغضب عليك المسئول قدم ما يرضيه لاما يرضي ربك وضميرك.

لم أرتح لهذا الوضع فأحسست أني أعيش في دائرة مفرغة ، لاأستطيع أن أجامل أحدا على حساب سمعتي وصحتي ، إن قلت الحق فهناك من لايريد سماع كلمة الحق وقديما قيل ( لعن الله الحقيقة فإنها لم تدع لي صديقا)أحد المنسقين قال لي مرة : إستاذ إبراهيم ( لوقلنا الحقيقة لمشينا من هنا ) نحن عاوزين نأكل عيش فصدمتني هذه الكلمة قلت كيف والطالب أين هو من اهتمامنا ورعايتنا؟؟؟ الطالب آخر من نفكر فيه والجامعة بما فيها من مسئولين ومرافق وجهود كلها من أجل الطالب ، جلست أفكر أين الوطنية ؟ كيف أضع ابني في يد أناس هذا تفكيرهم وهذا دافعهم ،الحقيقة الوضع مزري مهما لمع المرتزقة والمنافقون أعمالهم ببندورات وبهرجة وحفلات يبرزون فيها المسئول ويعرضون صوره أمام الملأ ليرضى عنهم .

لقد حز في نفسي كلمة قالها لي أحد الزملاء ، الذين عايشوا الوضع في السنة التحضيرية وهو أحد المدربين ، قال أنت يا أسناذ إبراهيم ابن الوطن وهؤلاء الطلاب أمانة في عنقك فدافع عنهم قلت سوف أفعل ذلك قدر ما أستطيع فلا أحد يستطيع أن يغلق فمي وقلمي عن قول الحق أمامي الصحف والتلفاز والنت حتى يعلو صوت الحق.

حقا إنها رحلة مضنية لم تنته حلقاتها فالنفس فيها مافيهاو لايعلم معاناتي إلا الله، تذكرني رحلاتي الإرشادية هذه برحلات السندباد البحري الذي غامر بنفسه في أدغال الصحاري والبراري والبحار ، فرأي العجب العجاب رأى الموت بعينه ،وتعرض للمهالك ومصائب الدهر ، ولكن ذلك لم يفت من عضده أو يضعف من عزمه وهمته فكلما انتهى من رحلة بدأ بأخرى ، فلم يتسلل الخوف إلى قلبه ولم يقعده ماشاهده وتعرض له من أهوال عن المضي في رحلاته المثيرة حتى صارت قصص رحلاته مثار إعجاب الباحثين والكتاب والقراء لكن رحلاتي في الإرشاد تختلف فهي رحلات في سماء الفكر هي رحلات داخل النفس فلم أركب سفينة ولا طائرة ولا قطارا بل امتطيت قلمي وسجلت ماشاهدت وما رأيت وما أعجبني وما لم يعجبني ولعل هذا نوع جديد في أدب الرحلات أن الرجل يرحل داخل نفسه ولا يسمى ذلك بأحلام اليقظة فأحلام اليقظة غير فالشخص يحلم وهو يقظان ويعيش في عالم الخيال ليبعد عن وضعه المرير فمالم يستطع عليه في الواقع يحققه عن طريق خياله ، ولكني هنا اتحدث هنا عن أمور حدثت رأيتها وسمعتها فبدأت اعلق عليها لعلي أجد مسئولا يسمع وينصت لي لأقول له عما في نفسي فطلاب وطالبات الجامعة أبنائي وبناتي وأبناؤك وبناتك وهم أمانة في أعناقنا جميعا ومسئولون عنهم أمام الله ( كلكم مسئول وكل مسئول عن رعيته )، والله أعلم .

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك