رحلتي مع الإرشاد (42)

[ابراهيم الدريعي]

رحلتي مع الإرشاد (42)

قال لي أحد الآباء إذا كنتم يا أستاذ إبراهيم تريدوننا ندرس أبناءنا في المنزل إذن ما الداعي للمدرسة ! فقلت له: لا نحن لانريد ك أن تدرس ابنك في المنزل ابنك يدرسه معلمه في المدرسة ، هكذا بعض الآباء فهم علاقة البيت بالمدرسة ، بأنه يلزمه أن يدرس ابنه ، ونحن نقول إن هذا مفهوم خاطئ ، نحن التربويين نريد الأب والأم أن يتابعا ابنهما في المنزل بعد خروجه من المدرسة بتنظيم وقته ، وتهيئة المنزل ليكون بيئة صالحة للدراسة والعلم، نريد من الأم أو الأب أن يخصصا من وقتهما ساعة أو ساعة ونصف يجلسان فيها إلى ابنهما أو بنتهما ويطلعا ن على مذكراته ودفاتره ويشاهدا ن ما كتبه عنه المعلم أو المعلمة ، نريد من الأب أن يزور مدرسة ابنه في الشهر مرة واحدة على الأقل بدون دعوة من إدارة المدرسة وكذلك الأم ويشاركا ن المدرسة في أنشطتها مثل حضور مباراة في كرة القدم أو افتتاح معرض للتربية الفنية أو تقديم كلمة توجيهية في طابور الصباح ، أو حضور ورشة عمل للآباء موضوعها ( التربية السليمة للأبناء) فمتابعة الابن أو البنت ضرورة طوال العام الدراسي من قبل الأب أو الأم ، أما أن الابن أو البنت يترك أمرهما للمدرسة فهذا خطأ كبير ، إذ أن نتائجهما سوف تتأثر في نهاية العام نتيجة هذا الإهمال ، ومن بعد ذلك يعض الأب أصابع الندم أو يلوم المدرسة على تقصيرها 0
قال لي أحد الزملاء يوما ما : أستاذ /إبراهيم أنت مشرف تربوي ، فأنا عندي ثلاثة أبناء أعاملهم معاملة حسنة ولا أبخل عليهم بشيء إطلاقا وقد فرغتهم تماما للدراسة فلاأكلفهم بأي عمل لكني ألاحظ عليهم أن أصغرهم متفوق جدا أما الآخر فوسط أما الثالث فضعيف جدا فبالكاد ينجح ، فقلت له هذا شيء طبيعي . أنت يجب أن تعرف الفروق الفردية بين الناس ففيهم الذكي جدا وفيهم الوسط وفيهم متدني الذكاء وأبناؤك مثل سائر الخلق مهما كانوا أخوانا وتعاملك معهم ممتاز وبيئتهم واحدة ، قال لي وما هي الفروق الفردية؟؟ إنني لاأعرفها ، قلت الفروق الفردية : أن الناس يختلفون في قدراتهم العقلية ففيهم العبقري وفيهم الذكي جدا وفيهم الوسط وفيهم أقل من الوسط ( بطيء التعلم )وفيهم المتخلف عقليا ويوجد مقاييس نفسية تصنف الناس على هذه المستويات المختلفة مثل مقياس وكسلر ومقياس بينية واختبار المصفوفات ومتاهات بورتس وغيرها ، وإذا شئت خذأبناءك لوحدة الخدمات الإرشادية و سوف يقوم المختص في القياس النفسي بتحديد مستوياتهم العقلية ، لترى صدق ما أقول :
وقال لي هذا الزميل في مرة أخرى ، مادمت في وزارة التربية والتعليم فلماذا لاتغيرون المناهج ؟ طبعا هو مسك جزئية بسيطة من كتاب القراءة في المرحلة الأولية هذه الجزئية هي عبارة تقول ( جدار بيتنا من طين ) وهذه العبارة تدل على قدم منهج القراءة وأنه لايتواكب مع العصر إذ لايوجد اليوم بيوت من طين كما كانت قديما ، ولعل المراجعين لهذا المقرر أرادوا إبقاء هذه العبارة لربط الطفل الصغير بماضيه ، وأنه يجب أن يعرف أن آباءه وأجداده كانوا يسكنون في بيوت من طين ، أما أن يوجد في كتاب الفقه ( بنت لبون وبنت مخاض ) و ( الاستجمار بالأحجار ) فهذا مالم أجد له تفسيرا ، الهدف من طرح ماأقول أن بعض الناس خارج وزارة التربية وهم بعض الآباء يعتقدون أنني وغيري طالما أننا نعمل في وزارة التربية أن بيدنا كل شيء وأننا نستطيع التغيير ، حتى أن احدهم قال لي : أنت تنتقد الوزارة فلماذا لم تغير وأنت داخل الوزارة ، فقلت له أنا لاأستطيع أن أغير أي شيء سواء كنت داخل الوزارة أو خارجها 0
المشكلة التي ألاحظها الآن وأنا أزور بعض المدارس ، ولعلها لاتكون عينة يقتدى بها وهي تدني مستوى النظافة على الرغم أن حال المدارس اليوم أفضل من حالها بالأمس فأكثر المدارس أصبحت ملكا للوزارة ونكاد المدارس المستأجرة تتلاشى ، لكن هذه المدارس الجديدة سوف تصبح عن قريب زبالة لتدني مستوى النظافة والصيانة ليس المهم أن أبني مدرسة تبقى جميلة سنة أو سنتين ثم تسؤ حالها وتصبح زريبة، الوزارة -مع الأسف- لاتهتم من قديم بالصيانة والنظافة للمحافظة على مبانيها التي كلفت ملايين الريالات ، ومع أني لاأشجع دخول ابني في المدارس الأهلية إلا أنه لهذا السبب فقط أجدني مضطرا لإدخال ابني فيها ، مع أني أؤمن بأن المدارس الحكومية تؤسس الطالب لاسيما في المرحلة الأولية أفضل من المدارس الأهلية ، لكن كثرة الطلاب وتدني مستوى النظافة والصيانة وعدم الاهتمام بأولياء الطلاب من قبل بعض المدارس الحكومية سيدفعني حتما إلى تفضيل إدخال ابني مدرسة أهلية ، على الرغم من رسومها العالية التي لاتتناسب مع أواسط الناس أمثالي ، أما الذين لايستطيعون إدخال أبنائهم المدارس الأهلية فهم مجبرون ومرغمون على أن يبقى أبناؤهم بالمدارس الحكومية 0
يسألني بعض أولياء أمور الطلاب الحريصين على مستقبل أبنائهم ، عن أي مدرسة أهلية يستطيعون إدخال أبنائهم فيها ، فأبقى في الحقيقة محرجا ، مع أني كنت أعمل في مجال التربية والتعليم ،وزرت كثيرا من المدارس الأهلية، والسبب في ذلك أنه لايوجد تصنيف دقيق لمستويات المدارس الأهلية من الناحية العلمية فليس شرطا أنه إذا كانت المدارس كبيرة ومبانيها جميلة أن تكون من أفضل المدارس ، وليس شرطا أن المدرسة الأهلية إذا كانت صغيرة ومبانيها متواضعة أن تكون من أسوأ المدارس الأهلية ، فالعبرة في نظري بمستوى المعلمين وكفاءتهم العلمية وحرصهم على أبنائهم الطلاب ، لذا يجب على وزارة التربية والتعليم أن تبادر إلى تقويم المدارس الأهلية وفقا لمعايير ثابتة حتى تتضح الصورة أمام ولي أمر الطالب لتدفع عن ولي الأمر الحيرة عندما يريد الحاق ابنه في إحدى المدارس الأهلية، وليكن هناك جدول تنازلي يحدد مستويات المدارس الأهلية من ناحية علمية لاتدخل فيها المجاملة والمحسوبية ، والله أعلم 0

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك