دراسة في كتاب تعلومهم - التعليم في كوريا الجنوبية

[أحمد محمد الفريح]

دراسة في كتاب
( تعلومهم )

لمعالي الدكتور عزام بن محمد الدخيل
وزير التعليم - وفقه الله

الذي يلقي نظرة في تعليم الدول العشر الأوائل في مجال التعليم


إعداد وتأليف :
أحمد بن محمد الفريح
المرشد الطلابي بثانوية الشيخ محمد بن عبد الوهاب
بالحرس الوطني - الأحساء

مقدمة :

من منطلق ( أن الحكمة ضالة المؤمن أنّ وجدها يأخذها فهو أولى بها )
و حرصا مني و رغبة في الاطلاع على ما لدى الشعوب الأخرى و الاستفادة منها خصوصا فيما يتعلق بالتعليم و بالأخص في تعليم السلوك و المهارات الاجتماعية
أجريت هذه الدراسة مع أيماني الراسخ بأننا كأمة مسلمة أولى بأن يتعلم منا الأخرون فنحن أمة من خاطب الخالق سبحانه و تعالى رسولها مادحا : ( و أنك لعلى خلق عظيم ) و هو صلى الله عليه و سلم من قال عن نفسه : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )
و هذا ما كان من أجدادنا ، فقد دخلت شعوب و أمم بالملاين في رحاب الإسلام ، بفضل الله ثم بفضل تعامل و أخلاقيات مجموعات من التجار المسلمين ، الذي ذهبوا لهذه الأمم ، فنحن بحمد الله لدينا في ديننا كل مقومات و قيم الخلق الرفيع ، فقط يجدر بنا التطبيق على أرض الواقع ، وحث أبنائنا على تطبيق النظام ، والشعور بالمسئولية من قبل المعلمين ، والتذكير دائما للطلاب حول أهمية تطبيق الأخلاق والحرص على النظام ، وكذلك الأباء ومسئوليتهم تجاه أبنائهم من تربيتهم على الأخلاق ولن تتقدم أمم إلا إذا تقدمت بأخلاقها ، لذا تقدمت دولة كوريا بسبب اهتمامها بهذا الجانب مع التركيز على أهمية العلم والمعلم وزرع الهمة والطموح في نفوس ناشئتها منذ الصغر ، فوصلت إلى مبتغاها وتقدمت على كثير من الدول ، فحري بنا كمسلمين أن نعمل على حث اولادنا وشبابنا على التمسك بالقيم والأخلاق والهمة العالية في طلب العلم ، وتطبيق النظام لنصل بإذن الله إلى مبتغانا وإلى مراقي الأمم .

لماذا وقع الاختيار على
كوريا الجنوبية ؟

فـي الـنسخة الأحـدث مـن مـؤشـر بـيـرسـون العالمي 2014 للمهارات المعرفية والتحصيل التعليمي احتلت كوريا الجنوبية المركز الأول كأفضل نظام تعليمي في العالم تلتها اليابان بالمركز الثاني ،،،
سأتحدث هنا عـن بعـض أهـم مـلامـح التعـليم في كوريا الجنوبية ثم سأحدد بعض ما استفدت من هذه الدراسة
يجدر بالذكر أن كوريا الجنوبية حققت هذا الإنجاز الكبير في بضعة عقود فقط , فقد كانت كوريا تحت الاحتلال الياباني لمدة ناهزت 50 عاماً لم يكن يسمح خلالها للكوريين بالتدريس أو الالتحاق بالمدارس الثانوية ,
و حينما غادر اليابانيون كوريا في نهاية الحرب لم يكن لدى الكوريين معلمون و لم يكن لديهم أحد حاصل على المستوى المطلوب ليكون معلماً , و كانت نسبة الأمية بين سكان كوريا حين رحل اليابانيون عنها 78% أميين .
ثم كانت الحرب بين كوريا الجنوبية و كوريا الشمالية في أوائل خمسينات القرن العشرين حيث كان الانهيار في كل شيء و لا تستغرب أخي أن دخل الفرد في كوريا الجنوبية كان حتى عام 1970 لا يتجاوز 200 دولار سنوياً
الآن و في قفزة مذهلة تدرب كوريا الجنوبية واحدة من أكثر القوى العاملة تعليماً و كفاءة في العالم , و قد أصبحت هذه القوة العاملة الآن توفر عمالاً في جميع المستويات لبعض الشركات العالمية الرائدة و العملاقة في مجال الإلكترونيات والتكنولوجيا كشركة samsung و كشركة lg و كذلك في مجال السيارات و الناقلات العملاقة

ما تتميز به كوريا الجنوبية

- تشتهر كوريا الجنوبية بالنتائج التي يحققها طلابها في برنامج ( بيزا ) لتقويم التحصيل العلمي للطلبة حيث حل طلبة كوريا الجنوبية من الصف الثامن في مادة الرياضيات على المركز الأول عالمياً
- تتميز كوريا الجنوبية بأعلى معدل للالتحاق الإجمالي بالتعليم العالي على مستوى العالم بمعدل 103%
- تصميم الكوريين القوي على بناء بلد من الطراز العالمي و التزام كل مواطن بأداء دوره في هذا التصميم الكبير فقد كان التعليم في أذهان الكوريين جزءاً أساسياً من هذا التصميم الأكبر منذ البداية
- يتحلى الكوريين بالقدرة على المشاركة في بناء الدولة
- في أثناء عقود قصيرة من الزمن استطاعت كوريا الجنوبية الانتقال من الأمية الشاملة لتتصدر التصنيفات العالمية سواء في عدد المتعلمين أم في جودة التعليم
- يجري تشجيع الطلبة للتعرف إلى مواهبهم و كفاءتهم في مرحلة مبكرة , و متابعة تعليمهم الذي يركز على المهنة طوال مراحل الدراسة الابتدائية , و الإعدادية و الثانوية .
- المقرر الدراسي الوطني لكوريا الجنوبية يضم تحولاً فلسفياً إلى التعليم الذي يدعم الإبداع , إضافة إلى ذلك كان هناك تركيز كبير على التعليم المعتمد على التكنولوجيا التي أصبحت جزءاً من المنظومة التعليمية و اليوم تدخل التكنولوجيا في صميم الحياة اليومية للفرد الكوري الجنوبي
- التحول من التعلم الفردي إلى نمط تعلم جماعي قائم على التعاون
- تعد كوريا الجنوبية أول بلد في العالم وفّر خدمة الوصول إلى الشبكة العالمية العنكبوتية لكل مدرسة ابتدائية و متوسطة و ثانوية و بسرعات عالية
- تحتل كوريا الجنوبية المرتبة الأولى في العالم من حيث متوسط سرعة الاتصال بالأنترنت من المنازل
- توفر شبكة معلوماتية تربوية تتيح للتلاميذ الوصول إلى مستودع هائل من الموارد ذات المحتوى التعليمي المميز بجودته العالية
- قادت الحكومة الكورية الجنوبية برنامج ( البداية المبكرة ) و يعنى بتحسين المهارات الاجتماعية
- وجود خطة لتثقيف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ( 3 – 12 ) و وقايتهم و تقديم الاستشارات لهم و إرسال رسائل نصية لأولياء أمورهم
الطلبة في كوريا الجنوبية
- تبدأ رحلة التلميذ الكوري الجنوبي (المضنية ) في مضمار التعليم عادة مع بلوغه الثالثة من العمر و تستمر لحين النجاح في أحد ميادين العلوم و الهندسة
- يقضي طلاب كوريا 220 يوماً في المدرسة سنوياً مقارنة ب 190 يوماً في فلندا و 180 يوماً في الولايات المتحدة الأمريكية
- يتوقع من الطلبة في كوريا الجنوبية تخصيص جلّ وقتهم للدراسة حيث ثمة قناعة راسخة أن لدى الأطفال جميعاً القدرة على إحراز النجاح المنشود
- عزم الطلبة في كوريا الجنوبية لتحقيق هدف الالتحاق بأفضل الجامعات و التخرج منها و يرى بعض الطلبة أن فشلهم في الحصول على مقعد جامعي بمنزلة الخيانة
- تعتمد كل أشكال الفرص في كوريا الجنوبية , من عروض الزواج حتى عروض العمل على المدرسة الثانوية التي ارتادها الطالب و الكلية التي درس فيها
- المركز الاجتماعي للأهل يعتمد بدرجة كبيرة على الثانويات و المدارس التي يتمكن أبناؤهم من دخولها


مشاركة الآباء في العملية التربوية و التعليمية

يتمكن الآباء من تشكيل مجموعات لأولياء الأمور تجتمع بانتظام و لديها برامج مراقبة المدارس يتمكن الآباء عبرها من فهم ما يحدث في مدارس أبنائهم

المعلمون في كوريا الجنوبية

تتصدر جودة المعلمين قائمة أسباب نجاح كوريا الجنوبية حيث يقبل في برنامج تدريب معلمي المدرسة الابتدائية 5% فقط من الطامحين في العمل في هذا المجال الذي يعد أكثر الخيارات المهنية شعبية و الخيار الوظيفي الأعلى لدى الكوريين الجنوبيين بسبب المكانة الاجتماعية العالية للمعلمين و الاستقرار المهني و الأجر العالي فمن بين 32 دولة جرى مسحها هناك دولتان فقط تدفعان رواتب أعلى مما تدفعه كوريا الجنوبية للمعلمين

المناهج الدراسية في كوريا الجنوبية

يجري في المرحلة الابتدائية تدريس الطلبة مواد رئيسة و على رأسها : التربية الأخلاقية و التعليم البيئي و الفنون العملية
و يفترض أن تغرس المدارس الابتدائية في نفوس طلابها القدرات الأساسية التي تساعدهم على حل المشكلات و أن تنمي فيهم تقدير التقاليد و الثقافة و حب الوطن و العادات الجيدة في الحياة


ختاماً

يجدر بنا أن نذكر أنه ما زال شعب كوريا الجنوبية يشعر بحاجة ملحة إلى تحسين نظامه التعليمي
بينما تنظر بقية شعوب العالم إليه بعين الحسد

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك